Monday, January 12

يا ابيض يا اسود لكن مش رمادي

نحن لا نحب أن تكون أراءنا رمادية في أمور حياتنا لأن الرمادي لا يحمل استقرار في الرأي وعدم الاستقرار يدعو للكثير من التفكير و التحليلات التي تعود علينا بمزيد من التعقيد و الإزعاج في حياتنا 

أنا أؤمن بالله و إيماني فيه أبيض واضح لا يحمل شك ، لكن حين ابحث عن سبب ايماني ادخل في دائرة من الرمادي ، و تتوسع هذه الدائرة الرمادية اذا بدأت حوار مع أحدهم محاولة اقناعة أن يؤمن بالله معي او خاطبت أحد الأطفال و حاولت أن أجيب أسئلتهم الكثيرة عن الله.

بداية فكرة الايمان:

من السهل أن تقتنع أن هناك قوة أعظم منك أوجدت هذا الخلق كله ، تستطيع بسهوله أن تميز أن عبادة أصنام أو أي أمر ملموس من صنع اليد أمر منافي للمنطق و العقل 

 الايمان بالله و الاسلام:

اذا كنت آمنت بوجود قوة أعظم منك فأنت في منتصف الطريق ،المنتصف الثاني هو اختيار الديانة التي تمثل ايمانك، قد يعتقد البعض أنه من السهل اختيار ديانة دون الأخرى ، لكن في الحقيقة فالدين الذي ولدت عليه واختاره لك أهلك هو دينك و يصعب عليك التخلي عنه حتى و إن رأيت أنه يحمل أوجه من الخطأ ، يصعب على الشخص التخلى عن ما ولد معه ، كأن تتخلى عن موطنك الذي ولدت و ترعرت فيه لأنك وجدت حياة أفضل في بلدة أخرى 

كيف نؤمن بالله ؟ :

الله خلق البشر ثم أخفى وجوده عنهم ، ثم بعث رسل و أنبياء ليقنعوا البشر بوجود الله ، و أنه من لا يؤمن بالله فمصيره النار

اذا كان الرسل لم يؤمنوا الا عندما رؤا الوحي و هو الملاك جبريل عليه السلام ، فكيف بباقي البشر أن تقنع كلها و تؤمن

سيدنا إبراهيم أتاه الوحي و رأى الملائكة و لم يستطيع أن يقنع بالكامل فخاطب ربه قائلا " رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبي " فكيف بباقي البشر الذين لم يروا شيئا من عالم الغيب أن يؤمنوا 

نعم الكون كله دليل على وجود شيئ أعظم من البشر لكن أيضا كيف نحدد ما هو الشيئ
 
لماذا جعل الله فكرة وجوده غامضة للبشر:

كان من الاسهل ان يظهر لنا الله ماهيته فيؤمن الكل ، فأبو الخلق كله سيدنا أدم عاش في الجنة بالقرب من الله و لم يكن لدية شك في ايمانه و كان الأمر يقين و واضح له 

لماذا اذا اخفى الله وجوده عن البشر و جعلوهم يتوهون في دوامة من التفكير ، ، خلقنا الله بعقول تختلف بطريقة تعاطيها مع الحياة و طريقة فهمها للأمور ، اذا من الطبيعي اذا فكرنا في الخلق و خالقنا و الدين الذي نختاره سنختلف في استنتاجاتنا و لن نتوصل كلنا لنفس النتيجة و نفس الدين 

اذا كان الله خلق لنا عقولنا لنفكر بحرية ، فالله يعلم انتا لن نؤمن به كلنا و إن آمنا به لن نؤمن به كلنا من خلال نفس الدين ، فلماذا يهدد الله من لا يؤمن به بالطريقة التي أرادها الله فإن مصير هذا الشخص النار ، فالعبد لم يصل للاستنتاج الخاطئ الا بسبب العقل الذي أعطاه الله إياه منذ البداية 

ما الحكمة من إخفاء حقيقة كان من الممكن إظهارها ، و وضع براهين و أدلة ليس بمقدور الكل فهمها أو استنتاجها ، ثم محاسبة من استعصى عليه الوصول للحقيقة بأشد أنواع العقاب